تفاصيل الكتاب
بعد أن شهد النظام القانوني الجنائي في العراق والعديد من دول العالم تطورات واسعة وعميقة في المبادئ والمفاهيم القانونية الجنائية وخاصة في ميادين السياسة الجنائية. وبعد أن دخلت حديثاً تعديلات قانونية جوهرية وعديدة على قانون العقوبات العراقي عقب مرور البلاد بمتغيرات دستورية وفكرية واقتصادية واجتماعية كبيرة خاصة بعد سنة 2003، فقد توخينا أن نطرح كتاباً جديداً في شرح القسم العام من قانون العقوبات، يراعي معالجة كل ذلك ليكون وافياً في مضامينه على نحو يكون فيه قادراً على تحقيق الفائدة المرجوة لطلبتنا من دارسي القانون، وحتى الذين يرومون معرفة هذا القسم الفلسفي من القانون الجنائي من الباحثين عن العلم والثقافة. وقد حرصنا أن يتضمن هذا الكتاب معلوماتٍ مركزة وموجزة إلاّ أنها تكفي وتفي الجوانب المطلوبة علمياً عن المضامين الأساسية للقسم العام من قانون العقوبات. وبناءً على ما تقدم فإننا لمّا نزل على عهدنا في توخي الإيجاز الوافي في العرض والتحليل، ذلك أن الفكرة الموجزة الواضحة أيسر للفهم من الإطالة أو التكرار غير المجدي، وذلك لأن الإطالة والتكرار يُثقلان كاهل القارئ ويُشتتان ذهنه عن التوجه مباشرة إلى ما يجب أن يفهمه ويعيه على نحو جيد ومتكامل. وإذا كان هذا هو تماماً ما تعنيه البلاغة في أن خير الكلام ما قل ودل، وأن التزيد في الكلام من غير مقتضٍ، هو ضرب من اللغو، فإن أفضل ما يحقق المعرفة العلمية هو الإيجاز الوافي، الخالي من القصور المخل والإطناب أو التكرار الممل. ولعل هذا هو تماماً ما قصده (أنطون تشيخوف) حين قال، بأن (الإيجاز صنْو الموهبة). ولا يَخفى بأن الإيجاز الوافي منهج أهل القضاء عند الكتابة في فقه القانون، لا يغادروه ولا يغادرهم.